
المقدمة
إنَّ الْحَمْدَ لِلهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِىَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ
أما بعد جاءت النصوص الكثيرة التي تبين فضائل الصدقة والإنفاق في سبيل الله، وتحث المسلم على البذل والعطاء ابتغاء الأجر من الله عز وجل ومنها .
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ البقرة / 254.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ البقرة / 267.
وقال تعالى: آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ الحديد / 7.
١. فقد جعل الله الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله المحسنين، فقال عنهم: {إنهم كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون * وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} (الذاريات:16-19).
٢. ووعد سبحانه -وهو الجواد الكريم الذي لا يخلف الميعاد- بالإخلاف على من أنفق في سبيله، فقال سبحانه: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} (سبأ:39)،
• وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا [المزمل:20].
٣. ووعد بمضاعفة العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافا كثيرة، فقال سبحانه: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} (البقرة:245).
{إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [سورة الحديد: 18].
* الصدقة بسبعمائة حسنة
قال -تعالى-: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّـهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّـهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).
قال تعالى: (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).
٤. أنها من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله عز وجل، ففي الحديث عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (وإن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مؤمن، تكشف عنه كربا، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا)، رواه البيهقي، وحسنه الألباني.
٥. والصدقة ترفع صاحبها، حتى توصله أعلى المنازل، قال صلى الله عليه وسلم: (إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقا فهذا بأفضل المنازل) رواه الترمذي.
٦. وهي تدفع عن صاحبها المصائب والبلايا، وتنجيه من الكروب والشدائد، قال صلى الله عليه وسلم: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) رواه الحاكم وصححه الألباني.
٧. وجاء في السنة عظم أجر الصدقة، ومضاعفة ثوابها، قال صلى الله عليه وسلم: (ما تصدق أحد بصدقة من طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كان تمرة، فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله) رواه مسلم.
٨. والصدقة تطفئ الخطايا، وتكفر الذنوب والسيئات، قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: (والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار) رواه الترمذي.
٩. وهي من أعظم أسباب بركة المال، وزيادة الرزق، وإخلاف الله على صاحبها بما هو أحسن، قال الله جل وعلا في الحديث القدسي: (يا ابن آدم! أنفق أنفق عليك) رواه مسلم.
١٠. أنها وقاية من عذاب الله، قال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا النار ولو بشق تمرة) رواه البخاري.
١١. وهي دليل على صدق الإيمان، وقوة اليقين، وحسن الظن برب العالمين، إلى غير ذلك من الفضائل الكثيرة، التي تجعل المؤمن يتطلع إلى الأجر والثواب من الله، ويستعلي على نزع الشيطان الذي يخوفه الفقر، ويزين له الشح والبخل، وصدق الله إذ يقول: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم} (البقرة:268)..
١٢. سبب انشراح الصدر وراحة القلب
ففقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع مثال عن الفرق بين المنفق والبخيل. فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَثَلُ الْبَخِيلِ وَالْمُنْفِقِ؛ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلا يُنْفِقُ إِلا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فلا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا فَهُوَ يُوَسِّعُهَا ولا تَتَّسِعُ) [رواه البخاري ومسلم].
١٣. مطهرة للمال فهي تخلص مال العبد من أي دخن قد يصيبه جراء اللغو أو حلف أو كذب أو غفلة. فقد أوصى النبي عليه الصلاة والسلام يوماً التَجار فقال: «يا معشر التجار، إنَّ هذا البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة» [رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه].
١٤. دواء للأمراض القلبية وتلين القلب القاسي.
فقد نصح نبينا الكريم شخصاً شكى له قسوة قلبه، فقال عليه الصلام والسلام: «إذا إردت تليين قلبك فأطعم المسكين، وامسح على رأس اليتيم» [رواه أحمد].
١٥. أمان من الخوف، فقد جاء في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عن كسوف الشمس: “فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا. قال ابن دقيق العيد في شرحه: وفي الحديث دليل على استحباب ذلك عند المخاوف لاستدفاع البلاء المحذور.
١٦. توصل العبد إلى حقيقة البر.
فالعبد يصل إلى حقيقة البر بالصدقة كما جاء في قوله تعالى: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ} [سورة آل عمران: 92].
١٧. تصيبك دعاء الملكان.
فكل يوم إلا وملكان ينزلان فيدعو أحدهما للمتصدق بالبركة وأن يعوضه الله بدلاً عما أنفقه. جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا» [في الصحيحين].
١٨. يذهب كل مالك ويبقى ما تصدقتَ به.
فلا يبقى للمتصدق من ماله إلا ماأعطاه. فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم يوماً عائشة رضي الله عنها عن الشاة التي ذبحوها ما بقى منها: قالت: ما بقى منها إلاّ كتفها. قال: «بقي كلها غير كتفها» [في صحيح مسلم].
روى مسلم عن عبد الله بن الشخير قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال يقول ابن آدم مالي مالي قال: وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت).صحيح: رواه مسلم «2958».
١٩. دليلُ صدق العبد مع ربه.
كما في قوله صلى الله عليه وسلم: «والصدقة برهان» [رواه مسلم].
٢٠. وقاية من نار جهنم.
فلا يستصغر العبد من عمله ولو كان بالقليل فقد يكون ذلك سبباً لعدم دخوله نار جهنم بإذن الله. فقال عليه الصلاة والسلام: «فاتقوا النّار، ولو بشق تمرة».
٢١. المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة
كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: «رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» [رواه البخاري ومسلم].
وجاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كل أمرئ في ظل صدقته، حتى يقضى بين الناس».
٢٢. يُدعى لدخول الجنة من باب الصدقة.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من أنفق زوجين في سبيل الله، نودي في الجنة يا عبد الله، هذا خير: فمن كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دُعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان». [رواه البخاري ومسلم].
٢٣. والصدقة بالأموال من أنواع الجهاد المتعددة، بل إن الجهاد بالمال ورد مقدما على الجهاد بالنفس في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الجهاد إلا في موضع واحد، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) رواه أبو داود.
٢٤. الصدقة على أهل البيت أفضل إن كانوا فقراء أو محتاجين.
لما روى سلمان بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وهي على ذي الرحم ثنتان: صدقة، وصلة. رواه أحمد والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والدارمي.
٢٥. المتصدقون لا خوف عليهم في الدنيا ولا هم يحزنون في الآخرة. قال -تعالى-: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
قال تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
٢٦. البخل بالمال وعدم التصدق به هو إلقاء النفس إلى التهلكة. قال تعالى: (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).
٢٧. الصدقة والتوبة مقرونان قال تعالى: (أَلَم يَعلَموا أَنَّ اللَّـهَ هُوَ يَقبَلُ التَّوبَةَ عَن عِبادِهِ وَيَأخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللَّـهَ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ).
٢٨. الصدقة خير لك من البخل.
قال تعالى: (وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
٢٩. الصدقة والإنفاق من وصايا النبي للنساء الإسلام. عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي ﷺ قال: يا معشر النساء تصدقن، وأكثرن من الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار).
٣٠. الصدقات ترفعك إلى مقام المحسنين:
قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾[آل عمران: 134 – 136].
٣١. الصدقات فيها خير كبير وأجر عظيم:
قال تعالى: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].
٣٢. الصدقة الجارية أجرها مستمر ما دام يُنتفع بها: روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم يُنتفع به أو ولد صالح يدعو له.
٣٣. الصدقة من أسباب سعة الرزق:
روى مسلم عن أبي هُريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا رجلٌ بفلاة من الأرض فسمع صوتًا في سحابة: اسقِ حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب فأفرغ ماءه في حرة فإذا شرجةٌ من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله فتتبع الماء فإذا رجلٌ قائمٌ في حديقته يحول الماء بمسحاته فقال له: يا عبد الله ما اسمك؟ قال: فلانٌ للاسم الذي سمع في السحابة فقال له: يا عبد الله لم تسألني عن اسمي فقال: إني سمعت صوتًا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول: اسق حديقة فلان، لاسمك فما تصنع فيها قال أما إذا قُلت هذا فإني أنظر إلى ما يخرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثًا وأرُدُّ فيها ثلثه.
٣٤. الصدقة على المعسر تيسِّر أمورك وتخفِّف حسابك:
روى مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نفَّس عن مؤمن كربة من كُرب الدنيا نفس الله عنه كُربة من كُرب يوم القيامة ومن يسَّر على مُعسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة.
٣٥. صدقات لم تعلم بها كُتبت في ميزان حسناتك:
ففي الصحيحين عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مُسلم يغرس غرسًا إلا كان ما أُكل منه له صدقة وما سُرق منه له صدقة وما أكل السبع منه فهو له صدقةٌ وما أكلت الطير فهو له صدقة ولا يرزؤه أحدٌ إلا كان له صدقة.
٣٦. صدقة السر تطفئ غضب الرب.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء). رواه الترمذي وغيره. وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر”.
رواه الطبراني في “الكبير” بإسناد حسن كما قال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.
٣٧. صدقتك تظللك يوم القيامة فأكثر بها. عن يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: كُلُّ امْرِئٍ فِي ظِلِّ صَدَقَتِهِ حَتَّى يُفْصَلَ بَيْنَ النَّاسِ – أَوْ قَالَ: يُحْكَمَ بَيْنَ النَّاسِ – .
قَالَ يَزِيدُ: ” وَكَانَ أَبُو الْخَيْرِ لَا يُخْطِئُهُ يَوْمٌ إِلَّا تَصَدَّقَ فِيهِ بِشَيْءٍ ، وَلَوْ كَعْكَةً، أَوْ بَصَلَةً ، أَوْ كَذَا “. رواه الإمام أحمد في “المسند” (28 / 568) وغيره، وصححه محققو المسند، والشيخ الألباني في “تخريج أحاديث مشكلة الفقر” (ص 75).
٣٨.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من المنفقين في سبيله وألا يجعلنا من الأشحاء والبخلاء في طاعته، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
جمعه ورتبه: يحيى أحمد محمد.


جمعه ورتبه: يحيى أحمد محمد